... من العجيب أن نرى المفكر الإسلامي يرفض أي علاقة بالفكر الغربي ويطالب بخصوصية إسلامية وأصالة علمية وعقلية مطلقة بحيث يعتقد اليوم أنه في غنى عما أبدعه التفكير الغربي والبحث العملي الحاصل خارج دائرة المعارف الإسلامية المتأصلة في القرآن والمنطلقة منه.
إن هذا التصور داخل في إطار الخطاب الإيديولوجي الشائع وليست له صلة بالواقع التاريخي والسوسيولوجي والفكري ، إلا أنه أصبح يشكل عرقلة معرفية في ذهن الكثير من الشبان والطلبة ، إذ يفتخرون من جهة بتأثير الفكر العربي على الفكر الغربي في القرون الوسطى ، ويرفضون من جهة أخرى تطبيق العلوم الحديثة على دراسة الفكر الإسلامي لأن تلك العلوم خاصة بالغرب !!
تلك الظاهرة تدل على مدى القطيعة المعرفية والعلمية التي أصابت الفكر الإسلامي ، لأن المفكرين القدماء من أمثال الغزالي وابن رشد أقبلوا على دراسة العلوم العقلية مع العلوم الدينية ولم يحتجوا على الذين تبنوا العلوم اليونانية ، إلا ما يتعلق بالقضايا التنظيرية العويصة كالسببية وخلق العالم وبعث النفوس ، وما دار بينهم من مناظرات رفيعة كردود ابن رشد على الغزالي ومن حذا حذوه ، يندرج في أثر ما أنتجه الفكر العربي في عصور نشاطه المبدع .
0 التعليقات:
إرسال تعليق