الجمعة، 31 يناير 2014

رسالتي إلى بني ميزاب ..

عندما تصل إلى نقطة اللارجوع حينها يصبح كل شيء حلالا ومبررا، السب والشتم والضرب وحرق الممتلكات بل وحتى القتل، حينها تطغى على الساحة غريزة الانتقام ويدفن أي حل يفضي إلى حوار أو إصلاح.
حاولت كثيرا قبل كتابتي لمقالي ألا أكون متشائما لكن ما يحدث في غرداية وما أسمعه من شباب أحسبه متعقلا ومثقفا جعلني أشعر فعلا بالخوف.
ما يحدث في غرداية الآن ذكرني بقصة سمعتها صغيرا حين سمع المهلهل خبر مقتل أخيه كُلَيب ملك العرب من ابن عمه جساس بسبب ناقة تدعى البسوس، فاشترط المهلهل على عمه مرة أربع شروط تعجيزية للصلح أولها أن يعود أخوه كليب حيا ملكا للعرب كما كان ليعلن بعدها بدء حربٍ لم تنته إلا بوفاة أصحابها ودامت أربعين سنة استحلت فيها دماء بني العم وقتل فيها الذراري والنساء، وكلما أتى جيل من المقاتلين قال: قتل أبي وعمي وإخوتي فما بقي لي غير الحرب وصارت الحرب حياتهم اليومية.
ومع فارق القياس فكلما أحرق محل مالكي أو ضُرب شاب إباضي رأي أبناء حيه وعمومته أن عليهم واجب الانتقام بل وقد يرى الكثير من الشباب أنه وصل إلى مرحلة اللارجوع وتصبح كلمة الصلح أو الإصلاح كلمة منبوذة مكروهة ويجب أن لا تطرح في أي حل للتسوية بين الطرفين.
ولكن لو رجعنا بالزمن قليلا نرى أن الجزائر خرجت من فتنة أكبر بكثير راح ضحيتها أكثر من 200.000 جزائري، رقمٌ كهذا خلف بالتأكيد عديد الأحقاد التي كان يعتقد أصحابها يوما ما أنها لا تزول إلا بمعاقبة المجرمين، لكن شيئا من ذلك لم يحصل ولم تفلح عملية الصلح إلا بالعفو الشامل ومطالبة من بقي في الجبال بتسليم السلاح والرجوع إلى أهلهم سالمين. ومن جهة أخرى محاولة تعويض المتضررين ماليا وإن كان هذا لا يعتبر تعويضا حقيقيا عما عانوه من مرارة القهر وفقدان الأهل والأحباب وفي مقابل هذا غلق نهائي لأي حديث عن الضحايا أو معاقبة المجرمين أو شيء كهذا.
هذا الحل الإصلاحي جميل على ما فيه من كلام كبير لكنه في النهاية أطفأ نار الفتنة فلو أمعنا النظر رأينا أنه لا يمكن لأي مسلح في الجبل أن يدخل في هدنة أو صلح ثمنه أن يدخل السجن ولا يخرج منه فكان العفو والمصالحة والقوانين التي سنتها الدولة أنذاك حلا جد مناسب.
وأنا أسترجع هذه الأحداث أسعد بهذه السياسة الحكيمة في التعامل مع الفتنة والتمكن من إطفائها، وأستغرب من جهة أخرى كيف لنفس الوجوه الحاكمة ونفس الأشخاص التي سبق لها التعامل مع الفتنة أن تعجز عن إيقاف فتنة أقل منها حجما وأقل منها ضررا، هذا يجعلني أشك أحيانا وأجزم أحيانا أخرى بأن للنظام يدا طولا في هذه الأحداث إن لم يكن هو من افتعلها فعلا.
ندعو إخواننا في بني ميزاب إلى التعقل وعدم الانسياق لمثل هذه الحسابات السياسية القذرة التي تستغلها السلطة قبل الانتخابات والاستجابة لنداء الله سبحانه: " وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما" وتدارك الوضع قبل فوات الأوان فكلنا جزائريون وكلنا مسلمون والاختلاف يجب أن يكون طابعا يزين الساحة الإسلامية لا يهدها من الجذور.

تحياتي لكم

2 التعليقات:

  1. عصبية الجاهلية الاولى ...هذا ما حذرنا الحبيب صلى الله عليه و سلم منه....مشكور على الطرح الله يصلح الاحوال

    ردحذف