نعيش اليوم ذكرى غالية على كل جزائري ألا وهي ذكرى يوم
الشهيد والتي تصادف 18 فيفري من كل سنة هذا الشهر الذي شهد تحضيات جسام من أبناء
هذا الوطن الذين خطوا بدمائهم الشريفة ملامحة بطولية سيخلدها التاريخ إلى أبد
الآبدين .
ثورتنا المباركة التي شارك فيها كل رجال الوطن ونساؤه ،
أطفاله وشيوخه ، شبابه وبناته في كل ناحية
من أنحاءه حتى ننعم نحن بعدهم بالاستقلال والعزة ,
لعل الكثير يستغرب من عنوان مقالي كيف لحزب وطني يتبنى
الكثير من مناضليه الفكر العلماني أن يكون أكبر حزب يتخذ الإسلام مطية لأغراض
إسلامية ؟ ربما يقول البعض لأن الكاتب ينتمي إلى حزب إسلامي فيقول هذا الكلام
ليبعد هذه التهمة عن حزبه الذي اقترنت هذه الجملة باسمه منذ سنين .
أقول إن الواقع يؤكد ما أقول ، فما حكَمَ الأفلان الوطن
50 سنة إلا لشرعيته التاريخية التي تبجح بأنه الوحيد المساهم فيها ولا حق لغيره من
مناضلي الأحزاب الأخرى ومن غير الحزبيين فيها ,
إن المصطلحات التي يحكم بها ويستغلها الحزب الحاكم في
الجزائر هي مصطلحات إسلامية محضة " الجهاد " " الشهادة " ومن
هتين الكلمتين أنشأت المنظمة الوطنية لأبناء الشهداء والمنظمة الوطنية للمجاهدين ,
وبداعي الجهاد والشهادة أيضا ( الشرعية التاريخية ) يرى كبار هذا الحزب أنه يستحيل
لأي حزب آخر غير الأفلان الحكم في الجزائر لأنه الحزب الوحيد الذي " جاهد
" و" استشهد " في سبيل هذا الوطن وهو الوحيد الذي حرره ,
ألا ترون أنه من الاجحاف الكبير لهذا الوطن أن نحصر
الجهاد على فئة معينة أو حزب معين بينما
الحقيقة تقول أن شعب الجزائر ينأى بنفسه أن يجعل الجهاد في سبيل الله يحصر في مجرد
بطاقة انخراط لحزب ما فهي أكبر من ذلك بكثير
وما أكثر ما رأيت من المجاهدين الذين يعيشون حياة بسيطة بل منهم من يعيش المعاناة
الحقيقية ومع ذلك فهو لا يطالب بمنحة مالية ولا جاه ولا سلطان ، فلا يمكن لأي كان
أن يوفي له حقه من الجهاد غير الله سبحانه وتعالى وهو يرجوا منه الثواب والأجر
العظيم , وما أكثر هؤلاء المستعففين في هذا الوطن الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا
غابوا لم يفتقدوا فهؤلاء هم المجاهدون حقا وهؤلاء من ينتشرون في كل ربوع الوطن ولا
نجد الأفلان يحفظ لهم مكانتهم ولا جهادهم بل يصر على أن حزبه الضيق هو الوحيد
المساهم في تحرير هذا الوطن .
على الشعب الجزائري إن الشرعية التاريخية التي يستمد
منها الأفلان خطاباته وشعبيته هي في الحقيقة شرعية دينية تختصرها كلمتا الجهاد
والشهادة التي لا يمكن بأي حال أن نحصرهما في إطار حزبي ضيق بل تتسع إلى ما هو
أكبر من ذلك فكل من جاهد في سبيل هذا الوطن بسلاحه أو بقلمه أو ماله في أي مكان
منه فيجب علينا أن نحفظ له جهاده ومكانته بعيدا عن المزايدات من هذا الحزب أو ذاك
فكلمتا الجهاد والشهادة أجلّ من هذا الفكر الضيق المنحط .
كما عليه أن يعلم أن الشرعية التاريخية لم يحكم
بها في أي دولة حديثة هذه المدة التي حكم بها في الجزائر فهي مجرد مرحلة انتقالية
كان من المفروض أن تعود الأمور إلى نصابها بعدها ليحكم صاحب البرنامج الأقوى
والكفاءة الأفضل وهذا ما يضمن استقرار كيان والدولة وتطورها وهو المعنى الحقيقي
للديمقراطية .
بارك الله فيك أخي الكريم بصراحة بت أشك في تاريخ الجزائر الذي بدرس لنا جملة وتفصيلا وأجزم أن جل من يأخذ منحة المجاهدين هم في الأصل جواسيس فرنسا وخائني الوطن أو كما نسمسيهم بالعامية: "قومية" لأن المجاهد الأصيل المخلص لايطلب من بلاده ثمنا لمدافعته عنها
ردحذف